برنامج الأمم المتحدة للبيئة
27 Mar 2019 Story المدن

قصة صديقين شغوفين بالفن وبالتغيير الإجتماعي

في العام 2016، كان ليث أبو طالب وعائشة سلمان طالبين في جامعة البلقاء التطبيقية في الأردن. كانا صديقين يربطهما حب لفن وقيادة التغيير نحو الأفضل في المجتمع. كانا يجتمعان في أوقات فراغهما ويمارسان هوايتهما المشتركة في فن الورق أوريغامي، وكويلينج – الفن الفرنسي الذي يتعلق بلف شرائح الورق لإنشاء تصاميم وأشكال مختلفة. شغفهما للفن ألهم أصدقاءهما وغيرهم من الطلاب في الجامعة، ولفت انتباه المنظمات في الأردن.

في ظهيرة أحد الأيام، تلقا الاثنان مكالمة هاتفية من مؤسسة وطنية طلبت منهما إقامة ورشة تدريبية للطلاب لتعليمهم فن الأوريغامي. لا يوجد شك أن عائشة وليث كانا متحمسين جدًا لهذه الفرصة، ولكنهما كانا قلقين لأنهما يفتقران إلى الأدوات والمواد المهنية اللازمة لتعليم فن الورق.  فقد كانا يستعملان أدوات بسيطة يتم طلبها من مواقع الكترونية دولية لممارسة "هوايتهما"، ومع ذلك كان هذا يكلف الكثير من المال ويستغرق وقتًا طويلاً لشحن الأدوات.

بعد تلقي هذه المكالمة، قرر المبتكران أنه يجب عليهما تطوير هوايتهما بجعلها أول مصدر في الشرق الأوسط لإنتاج هذه الأدوات والمواد محليا في بلدهما الأردن. كما قررا أن يصمما كتيب إرشادي  باللغتين العربية والانجليزية  للفن الورقي. بدأ ليث وعائشة في طرح الأفكار وتوصلا إلى اسم WARAGAMI لمشروعهما، وهو مستوحى من الكلمة العربية (ورق—Waraq) والكلمة (غامي—Gami) والتي تعني أيضاً "الورق" باللغة اليابانية.

image
West Asia

لم يمكن لهما احتواء الشعور بالسعادة. ومع ذلك، نصحتهما عائلتيهما وأصدقائهما بعدم إنشاء WARAGAMI، بالنظر إلى صغر سنهم، وافتقارهم للمهارات اللازمة لإنشاء أعمال تجارية، واعتبارات أخرى متعلقة بالمسؤوليات المالية. واجهت عائشة وليث الكثير من الإحباط. لقد واجها تعليقات مثل "إنها مجرد ورقة، كيف ستحولونها إلى تغيير اجتماعي؟"، و"أنتما أصغر من أن تنشئا مشروعًا يمكن له أن يخلق تغييرًا اجتماعيًا"، وما إلى ذلك. ومع ذلك كان شغفهما أقوى ولم يكن لشيئ أن يردعهما.

بدأ ليث وعائشة خطوة بخطوة في تطوير الأدوات الفنية في المنزل، وذلك باستخدام المواد الخام منخفضة التكاليف التي اشتروها من مدخراتهم. وقد رفضا طلب المواد من الخارج لأنهما كانا مصممين على أن يُظهرا للعالم المنتجات الجميلة التي يمكن أن تصنع في الأردن. وبدءا بدراسة السوق وحضور برامج تدريبية لتعزيز معرفتهم في مجالات التسويق، والتمويل، والتصميم، والتفكير الإبداعي، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع المستثمرين. كما تقدما بطلب إلى أحد شركات الاستثمار في الأردن – Oasis500- الذين أعجبوا بالفكرة واستثمروا في WARAGAMI. كما عرضوا على عائشة وليث موقعًا للعمل. وهكذا بدأت أسرهم وأصدقائهم بدعم الفكرة.

شيئا فشيئا، بدأ ليث وعائشة في تطوير منتجات رائعة. أطلقا 17 فكرة تغليف لكنهم جعلا الحزمة رقم 17 فكرة خاصة. فقد كانت هذه الحزمة جوهر مشروعهما وللتغييرات الاجتماعية التي أرادا رؤيتها في العالم. لم تتضمن أياً من الألوان التي اختاروها للحزمة اللون الأزرق أو الوردي لأنهما أرادا توصيل رسالة المساواة بين الجنسين. وحتى يتمكنا من استهداف الأطفال في سن المدرسة وجودة التعليم جعلوا حجم الحزمة أصغر ليكون من الممكن احتواؤها في الحقائب المدرسية.

يرى ليث وعائشة من خلال الحزمة 17 أن الفن للجميع، وأنه يمكن استخدام الفن كوسيلة نحو جودة التعليم، والمساواة بين الجنسين، والحد من التمييز. كان لديهما حلم وكانا مصممين على تحقيقه!

بدأ ليث وعائشة من خلال WARAGAMI، في دعم أهداف التنمية المستدامة. فقاموا بدمج الاشخاص ذوي الإعاقة في مشروعهما للحد من عدم المساواة. كما استخدما الورق والمواد المعاد تدويرها والتي كانت خالية من البلاستيك بنسبة 75٪ بغرض المحافظة على البيئة.

بدأ ليث وعائشة  في ملاحظة أشياء ممكن تغييرها داخل مجتمعهما من خلال مشروعهما. لقد أدركا أن المدارس الحكومية في الأردن لم تقدم دروسًا فنية للأطفال بسبب ميزانياتها المحدودة. كما لاحظا الكميات الكبيرة من الورق التي يتم إهدارها في المدارس من الطباعة إلى الدفاتر المستخدمة والكتب. لمعالجة هذه المشكلات، أطلقا زاويةRecycling  WARAGAMI التي تهدف إلى إعادة استخدام الورق في المدارس. اكتشفا أنه من الممكن تصنيع أكثر من 300 ورقة أوريغامي من كتاب قديم! كانت زاوية WARAGAMI Recycling عبارة عن فرصة لأطفال المدارس الحكومية لحضور حصص الفن بشكل مجاني مع الاستفادة من الورق الموجود في المدارس. قام ليث وعائشة بتطبيق زاوية WARAGAMI Recycling في خمس مدارس حكومية وجامعة واحدة وشركة خاصة. وكانا يركزان على المدارس الحكومية التي عادة ما تكون خارج نطاق العاصمة عمان. كما قاما بعقد جلسات توعوية حول تطوير مستوى الورق ل1500 طالب في جميع أنحاء المملكة وخارج الأردن في الولايات المتحدة ومالطا وإسبانيا وكوسوفو. كما قاما بزيارة المدارس الحكومية في مختلف محافظات الأردن لإعطاء فرصة لسكان المحافظات خارج عَمان لمعرفة المزيد عن الفن الورقي وللمساهمة في حماية البيئة.  

image

صرح ليث وعائشة إن البهجة التي جلبتها WARAGMI لهؤلاء الأطفال تعادل اللحظات الصعبة التي واجهوها عند إنشاء مشروعهما. إنهما فخوران بإنجازاتهما بتحقيق السعادة للأطفال، وتطوير مهاراتهم، وتعليمهم كيفية إعادة التدوير، وجعلهم يشعرون بمسؤولية أكبر تجاه بيئتهم وكوكبهم.

 يخطط كلا من ليث وعائشة حاليا للدخول في شراكة مع القطاعين العام والخاص وبالإضافة إلى الأفراد لتوسيع مشروعهما في الأردن والخارج. كما يخططان للحصول على زاويةRecycling  WARAGAMI  في المزيد من المدارس في جميع أنحاء المملكة، خاصة بعد أن تم الحصول على علامتهم التجارية وتسجيلها في المكتبة الوطنية الأردنية كما تم الموافقة لبيعها في الخارج وعلى المواقع الالكترونية الدولية مثل موقع أمازون Amazon. إن المستقبل مشرق للمبتكرين الشابين، اللذان يهدفان إلى #إيجاد_حلول_مبتكرة، وخلق تأثير مستدام في بلدهم وفي العالم.

محتويات ذات صلة